Tuesday, December 26, 2017

عشنا سعداء خلال الحرب. إيليا كامنسكي


عشنا سعداء خلال الحرب
إيليا كامنسكي





عشنا سعداء خلال الحرب
وعندما قصفوا منازل الآخرين تظاهرنا،
لكن ليس بشكل كافٍ،
عارضنا،
لكن ليس بشكل كافٍ،
كنت في سريري،
وحول سريري كانت أمريكا تتهاوى؛
 تختفي؛ بيتًا فبيتًا فبيتًا
فأخذت كرسيًّا وجلست في الخارج أتشمس،
في الشهر السادس من عهد كارثي، في بيت المال، الذي في شارع المال،
الذي في مدينة المال، الذي في بلد المال،
بلدنا العظيم، بلد المال،
نحن _سامحنا_ عشنا سعداء خلال الحرب.

Saturday, December 16, 2017

هذه الحجرة..جون أشبري











الحجرة التي دخلتها كانت حلمًا بهذه الحجرة
بالتأكيد كل هذه الأقدام على الكنبة هي قدماي
والبورتريه البيضاوي لكلب كنت أملكه زمان
 
شيء يلمع.. شيء مطموس!

كل يوم نأكل مكرونة على الغداء
ما عدا يوم الأحد
يولد  السمَّان الصغير قبل موعده ليقدم لنا
لماذا أخبرك بكل هذه الأشياء؟
وأنت لست هنا أصلاً!




Saturday, November 4, 2017

ملف تأميني. جين فالنتاين





ملف تأميني
جين فالنتاين


قشور البرتقال، والرسائل المحروقة، وأضواء السيارات الساطعة على العشب،
كل الأشياء تذهب إلى مكان ما
_كل ما نفعله_
 تتغير الأشياء،
لا شيء يختفي أبدًا.
صدى أشعة الشمس في الصور الفوتوغرافية، والشواطئ المتزحزحة، وخطوط الثلج، وخلايا جلدنا، ولقاءاتنا، وعزلتنا، وعيوننا،

تميل نحلة على النافذة وتطير بعيدًا، تطلق العنان لحياة، بلا ضرر، بلا خجل.
تلك المرأة، يا صديقي، تدور ضد حياتها، حياتها الزوجية،
ذاك الرجل، يا صديقي، منعزل، فوضوي، يقود سيارته بعيدًا عن المنزل،
 يقودهم، كل إلى الآخر.
أعرف الصعوبة، وأعرف نصف الخسارة معرفة جيدة،
الشعور الأول بالوحدة مجددًا، مؤثر وخارج المنفعة العامة، لتقول: أنا أعرف،
لكن أهناك أي إثارة للمشاعر في ذلك؟
في حلمي كانت هناك الكلمات: "ملف تأميني"، التأمين، 1. أ، المسجل أو كاتب العدل الذي يسجل أعمال المحكمة..
أن تكون هناك، لتسمع، لا لتنهتك..
 عزلة أخرى،
رأيت وجهها، خطوط الإرادة، والطيبة، والجوع، والصمت،
 تتحرك من شيء إلى آخر في المطبخ،
تتطلع من الشباك إلى شبابيك الشقة الأخرى،
تدور المرأة، تعد عشاءً،
لكم فرد تعد العشاء؟
وهي الآن تسقي الرزع.. ترى فيم تفكر؟
 رأسها وذراعها يبدوان آمنين.

" كل ما يحدث، يحدث مرة واحدة وإلى الأبد، أهذا صحيح؟ ماذا إذن؟
نعم، قصتك، كل آمالك، كل ما تفعله، ينكسر، يتغير..
"إن كان الأمر هكذا، ماذا إذن؟"
لا شيء يختفي، وأنت دائم..
الكلمات على الصفحة المفتوحة من الكراسة كانت: أشعر بالبرد الشديد، ورأسي يؤلمني..
تعالي، وابقي هنا في بيتي،
يومًا ما سنتمكن من القول: أنا فعلت هذا الشيء، وفعلت ذاك الشيء، وكنت تلك المرأة..
يومًا ما سنتمكن من استيعاب هذا العنف الذي في يدينا،
ربما سوف يفهمنا الذين سيخلفوننا، ربما يسامحوننا، مثلما سامحنا آباءنا، وأجدادنا،
ابتعدوا كثيرًا خلال حياتهم، وصمتهم.
والذين كنا معهم، ربما صداقتنا تستطيع أن تغير..
أن تُصلح..
تعالي، ابقي هنا. الأشياء تتغير.
لكنها بقيت في بيتها،
لا لتتعدى على الانتظار،
 هنا، في هدوء.  

Monday, October 16, 2017

إلى فيليب روث بمناسبة بلوغه الثمانين.. فريدريك سيديل





إلى فيليب روث بمناسبة بلوغه الثمانين

فريدريك سيديل 



أنا موسولينيوالمرأة التي استلقت على مكتب الدوتشي خاصتي تبدو صغيرة جد
صار المكتب مذبحًا مقدسًا
المرأة عارية
دعوت المرأة بالصغيرة فقط لأني بحاجة إلى قافية
تبدو صدمة المرأة العارية عارمة
 على سطح المكتب، وفي الوحل
الدوتشي، الدوتشي، الدوتشي، من يجعل الفتيات تبتل
ربما تكون هذه هي الأكثر بللا على الإطلاق



غالبًا ما فعل موسوليني هذا،
وضع البوت على المكتب الذي يعمل عليه،
وأنا أجلس على كرسي مكتبي، أحدق إليها،
وقد أعجبها ذلك،
أعجبها أن أحدق إلى صندوق إيرادتها،

الحقيقة أن كل شيء مسرح،
لقد تحصلت  على وجه آكل النمل،
الذي برز كقضيب ليتناول وجبة،
أنا الحليق الخائن ضارب الزوجة،
 أحضر عروض المسرح،
عليها طبعًا أن تكون زوجة رجل آخر!
أعيش وحدي مع حياتي،
بالنسبة لي، طلاق واحد كان كافيًا تمامًا، 


فكرت في الراحل جو فوكس،
ومفهومه أنه لا يستطيع النوم دون امرأة في فراشه،
هو أيضًا أحب المحيط،
ونشر أعمال فيليب روث، عندما حصل فيليب البذئ على أول قراءة،


في مارس،
عندما يتساقط ثلج ما قبل الربيع، ويغطي المدينة بنعومة،
وتنشر الأشجار فروعها، كرئات تنشر قصباتها الهوائية،
وتدق خيول الكارتّات المصطفة بحوافرها، وتبيَّض بأناة،
أبقى مقيدًا بالسلاسل إلى مكتبي،
وأصفّر.

Saturday, October 14, 2017

القصيدة هي أنت.. جون أشبري



ترجمة أسماء يس
في أحد اللقاءات التلفزيونية، تسأل المذيعة جون أشبري: هل أنت بالفعل أهم شاعر أميركي على قيد الحياة؟ فيجيبها: لا أظن. لكن كثيرين يظنون أن جون أشبري الذي ولد في روتشستر في نيويورك عام 1927، وتوفي في 4 أيلول (سبتمبر) 2017 عن تسعين عاماً، هو بالفعل واحد من أهم الشعراء الأميركيين المعاصرين.
كان أشبري أكاديميّاً وناقداً وصحافيّاً ومترجماً (عن الفرنسية)، وشاعراً. هو واحد من شعراء مدرسة نيويورك؛ الجماعة الأدبية التي تكوّنت في الستينيات، وجمعته بفرانك أوهارا وجيمس سكايلر وكينيث كوك وآخرين. ترك أشبري نحو ثلاثين كتاباً شعريّاً؛ نشر أولها عام 1953 «توراندو وقصائد أخرى»، وتلاه «بعض الأشجار» و«أنهار وجبال» و«كما نعلم»، و«كانت النجوم لامعة»، و«اسمك هنا» وغيرها. أما أبرزها فهو ما صدر عام 1975 «بورتريه شخصي في مرآة محدبة» ويحوي قصيدة طويلة تحمل اسم الكتاب، وفاز بثلاث جوائز حال صدوره؛ منها جائزة «بولتزر» و«جائزة الكتاب الوطني». استمر أشبري في الكتابة، وفي 2016 نشر كتابه الشعري الأخير «هياج الطيور»
لا يمكن ببساطة مقارنة أشبري بأي من شعراء مدرسة نيويورك، وأظن أنه ليس في إمكاننا مقارنته بأي شاعر آخر، وليس غريباً أن تصادفنا مقالة نقدية بعنوان «دليل التعليمات لقراءة جون أشبري»، وأن تتساءل ناقدة أخرى: كيف أمكن لهذا الشاعر المعقد الغامض أن يحتل هذه المكانة في المشهد الأدبي الأميركي؟! فما عنده من الشعر يختلف كثيراً عما عند الآخرين، وتصوره لما ينبغي أن تكون عليه القصيدة أمر يخصه وحده، فلا يبحث أحد عن معنى واضح مباشر، لأنه إن فعلت فلن تجد. يستمر أشبري في تفكيك الحياة في قصائده، وهو شخصيّاً يحب اللعب، ويرى أن ما يفعله ليس 
غموضاً من أجل التعقيد بحدّ ذاته، بل من أجل السخرية واللعب





فلسفتي في الحياة
1995
عندما فكرت أن ليس ثمة حيز في عقلي لفكرة أخرى،
خطر ببالي فكرة عظيمة أسميتها فلسفتي في الحياة،
باختصار، هذا يورطك في العيش مثلما يعيش الفلاسفة،
وفقًا لحزمة من المبادئ،
 أوكيه، لكن أيها؟
أعترف أن الجزء الأصعب كان أني كنت أملك نوعًا من المعرفة المسبقة لما سيكون عليه الأمر،
كل شيء، أكل البطيخ، الذهاب إلى الحمّام، أو حتى مجرد الوقوف على رصيف المترو،
غارقًا في التفكير لدقائق، أو قلقًا أن الغابات المطيرة ربما تتأثر،
بتعبير أدق، منحنيا بموقفي الجديد.
 لن أتحول واعظًا، وأقلق على الأطفال وكبار السن، اللهم إلا بطريقة عامة حددها كوننا المتناغم،
بدلاً من ذلك، سأترك الأشياء، نوعًا ما، لتكون ما هي عليه،
بينما أحقنها بمصل المناخ الأخلاقي الجديد الذي أظن أنني تعثرت به،
كغريب يضغط خطأً لوحة خلف خزانة للكتب،
ليكتشف سُلّمًا مضاء بضوء أخضر في مكان ما بالأسفل،
فيخطو تلقائيًا إليه، وتنغلق خزانة الكتب،
وكما هو الحال في مثل هذه المواقف، يجتاحه العطر على الفور،
ليس الزعفران ولا الخزامى، لكنه شيء بينهما،
فكّر في الوسائد التي يتكئ عليها كلب عمه في بوسطن،
بينما ينظر إليه متسائلاً، وأذناه مطويتان فوق رأسه،
وهنا حدث الانفجار العظيم، الذي لا فكرة واحدة منه تكفي لجعلك تشمئز من التفكير،
ثم تتذكر شيئًا كتبه ويليم جيمس في كتاب لم تقرأه قط،
كان لطيفًا، امتلك اللطف كله، غبّره مسحوق الحياة، مصادفة بالطبع،
وعلى رغم ذلك لا زال يبحث عن دلائل بصمات الأصابع،
أحدهم استطاع التعامل مع الأمر،
حتى قبل أن يصوغه، رغم أن التفكير كان تفكيره هو فقط،
لا بأس، في الصيف، إن أردت أن تزور الشاطئ،
هناك رحلات كثيرة يمكن القيام بها،
بستان من الحور اليافعات يرحب بالمسافر،
وبالقرب منه المراحيض العامة، حيث نحت الحجَّاج الضجرون أسماءهم وعناوينهم،
وربما كتبوا رسائل أيضًا،
رسائل إلى العالم، بينما هم جالسون يفكرون فيما سيفعلونه بعد استخدام الحمّام،
ويغسلون أياديهم في الحوض، قبل أن يخرجوا إلى العراء ثانيةً،
هل كانوا مقتنعين بالمبادئ؟
هل كانت كلماتهم فلسفة، أو نوعًا ما مادة خام لها؟
أعترف أني لا أستطيع الحركة أبعد من قطار التفكير هذا،
شيء ما يعوق حركتي،
شيء لست ناضجًا بما يكفي لاكتشافه،
بصراحة، ربما أكون خائفًا،
ماذا كانت مشكلة الطريقة التي كنت أتصرف بها قبلاً؟
ربما أستطيع الوصول إلى حل وسط،
نوعًا ما، سأترك الأشياء لتكون ما هي عليه،
في الخريف سأصنع الجيلي، ضد برودة الشتاء وعبثه،
وهو ما سيكون أمرًا إنسانيًا، وذكيًا كذلك،
لن تحرجني تصريحات أصدقائي الغبية، ولا حتى تصريحاتي الشخصية،
رغم التسليم بأن هذا هو الجزء الأصعب،
مثلما تكون في مسرح مزدحم، وتقول شيئًا يزعج المشاهد الذي أمامك، الذي لا يحب أصلاً فكرة أن يتحادث شخصان بالقرب منه،
حسنًا، عليه أن يتدفق حتى يجد الصيادون فجوة للوصول إليه،
كما تعلم، هذا الأمر يعمل في كلا الاتجاهين،
لا يمكنك دائمًا أن تقلق على الآخرين، وتحافظ على مسارك في الوقت نفسه،
سيكون هذا مسيئًا،
لكنه يشبه نوعًا من المرح، في أن تحضر مثلاً زفاف شخصين لا تعرفهما،
مع ذلك فإن هناك الكثير من المرح في أن تظل في الفجوة بين الأفكار،
هذا ما خلقوا لأجله،
الآن، أريدك أن تخرج، وترفه عن نفسك،
نعم، استمتع بفلسفتك في الحياة أيضًا،
إنها لا تأتي كل يوم..
انتبه.. هناك واحدة كبيرة!










مفارقات ومتناقضات
1981
هذه القصيدة تهتم باللغة في مستواها العادي جدًا،
انظر إليها وهي تكلمك،
وأنت تنظر خارج النافذة،
أو تتظاهر بالتململ،
أنت تملكها لكن لا تملكها،
أنت تفتقدها وهي تفتقدك،
كلاكما يفتقد الآخر،
القصيدة حزينة لأنها تريد أن تكون قصيدتك،
وهو ما لا يمكن أن يحدث،
 ما المستوى العادي؟
إنه هذا وأشياء أخرى،
تشرك نظامهم في اللعب، اللعب؟
حسنًا، في الواقع أنا أعتبر اللعب شيئًا خارجيًا أعمق،
 نمط حالم،
كما هو الحال في تقسيم عطايا أيام أغسطس الطويلة دون برهان مطلق،
وقبل أن تعرفه يضيع في البخار وثرثرة الآلات الكاتبة،
ها هو قد لُعب مرة أخرى،
أظن أنك موجود فقط لتغيظني بفعلك ذلك،
على مستواك،
وبعدها تختفي،
أو تتبني موقفًا مختلفًا،
والقصيدة أجلستني على الأرض بجوارك،
القصيدة هي أنت.



نوافذ رطبة
1977
عندما أتى إدوارد رابان ماشيًا بطول الممر إلى المدخل المفتوح، رأى أنها كانت تمطر، لم تكن تمطر كثيرًا..
كافكا.. الإعداد لزفاف في الريف
المفهوم مثير للاهتمام؛
أن ترى الأشياء كما لو كانت منعكسة على زجاج نوافذ مشرعة،
نظرة الآخرين عبر عيونهم هم،
خلاصة انطباعاتهم الحقيقية عن اتجاهات تحليلاتهم الذاتية، المموهة بوجهك الشبحي الشفاف،
أنت في فيلم فالبالاس،
في حقبة قديمة، لكن ليست بالغة القِدم،
مستحضرات تجميل
وأحذية مدببة تمامًا،
تنجرف (إلى أي مدى يمكنك الانجراف، إلى متى أستطيع أن أنجرف بعيدًا في هذه المسألة)
مثل عفريت العلبة الذي يتجه نحو سطح الذي لا يمكنه الاقتراب منه أبدًا،
لا تخترق الطاقة الأزلية للحاضر،
الذي سيكون له وجهة نظره الخاصة في هذه الأمور،
وهي أن اللقطة المعرفية لتلك العملية المركبة، كانت حين ذكر اسمك للمرة الأولى في حشد أثناء حفل كوكتيل منذ وقت طويل،
وأن شخصًا ما (ليس الشخص المخاطب) سمع ذلك وأخذ الاسم فوضعه في محفظته لسنوات حتى بليت المحفظة وانزلقت الفواتير منها،
اليوم، أريد هذه المعلومات بشدة،
لا أستطيع الحصول عليها،
وهذا يغضبني جدًا،
يجب أن أستغل غضبي في صنع جسر، مثل جسر أفنيون،
الذي يرقص الناس فوقه فقط ليشعروا بالرقص فوق جسر،
يجب في النهاية أن أرى انعكاس وجهي كاملاً،
ليس على الماء، لكن على حجر أرضي رث من جسري،
سأحترم نفسي،
ولن أكرر تعليقات الآخرين عني.




الرسام
1956
يجلس بين البحر والمباني،
يستمتع برسم بورتريه للبحر،
وكما يتخيل الأطفال أن الصلاة هي مجرد صمت،
يتوقع هو أن موضوعه يتحقق بالمشي على الرمال، والعثور على فرشاة، ولصق البورتريه على القماش.
لذلك لم يكن هناك أي رسم على قماشه،
حتى قاطعه الناس الذين يسكنون المباني قائلين: "جرّب أن تستخدم الفرشاة وسيلة لتحقيق هدفك، اختر للبورتريه شيئًا أقل غضبًا واتساعًا، أكثر ملائمة لمزاج الرسام، وربما أكثر ملائمة للصلاة)،
لكن كيف يشرح لهم أن صلاته، للطبيعة، لا للفن، قد تسطو على القماش؟
اختار زوجته موضوعًا جديدًا للرسم،
جعلها هائلة، كمبان مدمرة،
كما لو أنه ينسى نفسه، البورتريه عبر عن نفسه بلا فرشاة،
تشجع قليلاً، وغمس فرشاته في البحر،
وتمتم بصلاة قلبية:" يا روحي، عندما أرسم البورتريه التالي، كوني أنتِ من يدمر القماش"
انتشرت الأخبار عبر المباني كالنار في الهشيم ؛ لقد ذهب إلى البحر من أجل موضوعه.
تخيَّل الرسام مصلوبًا على عمله
غير قادر حتى على رفع فرشاته،
استفز بعض الفنانين، فمالوا من المباني في مرح خبيث: "ليس عندنا صلاة الآن، لوضع أنفسنا على القماش، أو لجعل البحر يجلس أمامنا من أجل بورتريه"
آخرون أعلنوا أنه بورتريه شخصي،
في النهاية، كل الدلائل على الموضوع بدأت تتلاشى،
تركوا القماش أبيض تمامًا،
فوضع فرشاته،
فورًا انتشر عواء،
كانت هذه أيضًا صلوات انهالت من المباني المكتظة،
ومن فوق أعلى مبنى ألقوا عليه البورتريه،
التهم البحر القماش والفرشاة،
وكأن موضوعه قد قرر أن يظل صلاة!





ما الشعر؟
2007
مدينة من القرون الوسطى برسوم جدارية لفتيان كشافة من ناجويا؟
ثلج يتساقط حين نريد له يتساقط؟
صور جميلة؟
محاولة لتلافي الأفكار، كما في هذه القصيدة؟
لكن أنعود إليها، مثلما نعود إلى الزوجة، تاركين العشيقة المشتهاة؟
الآن عليهم أن يصدقوه، كما صدقناه،
في المدرسة مشطنا كل الأفكار،
وما تبقى منها كان حقلاً،
اغمض عينيك، وستشعر به ممتدًا حولك لأميال،
والآن افتحهما، على طريق عمودية رقيقة،
ربما يمنحنا.. ماذا؟
بعض الزهور قريبًا. 


Wednesday, September 20, 2017

يوميات نازح.. جوناس ميكاس





يوميات نازح
ترجمة أسماء يس
في 1944، وبينما كان في سن العشرين، غادر جوناس ميكاس (المخرج التسجيلي البارز) قريته الصغيرة في ليتوانيا، ليقبض عليه النازيون برفقة أخيه ألدوفاس.
بدأ ميكاس حياته الأدبية محررًا بصحيفة محلية أسبوعية، ونشر أولى قصائده. كما شارك في إصدار نشرة مضادة للألمان، وكتب قصيدة مضادة لستالين؛ "خُتم مرتين".
بدأ جوناس وألدوفاس رحلتهما إلى فيينا، مستهدفيين الوصول إلى سويسرا من هناك. لكن بدلاً من ذلك، انتزعا من القطار قرب هامبرج، ليرسلا إلى معسكر الاعتقال النازي، وهناك بدأ ميكاس يدوِّن يوميّاته. وأخيرًا، بالطبع، وصل إلى نيويورك.




في سنوات اليوميات، من 1944 حتى 1955، حيث تنقل ميكاس في أوروبا ما بعد الحرب، حتى مناظر المهاجرين إلى نيويورك في منتصف القرن " كان الشك هو الثابت الوحيد". في 1985 يقول ميكاس" عندما أعيد قراءة هذه اليوميات، لا أعرف حقًّا إن كانت حقيقة أم خيالاً..أقرأها وكأنها ليست حياتي أنا، بل حياة شخص آخر.. وكأن هذه المآسي لم تكن مأسيَّ قط! كيف استطعت أن أنجو؟ لا بد وأني أقرأ يوميات شخص غيري!". نُشرت اليوميات للمرة الأولى في بلاك ثيستل برس1991، بعنوان " ليس لدي مكان أذهب إليه"، وستعيد دار سبكتور بوكس طبعها هذا الشهر..
 في المدونات الثلاث التالية، سنة 1948، سنجد دوناس وألدوفاس في معسكر النازحين في فسبادن، ميكاس محبط ويشعر بالحنين إلى الوطن، لكنه عنيد، ومصمم على الحياة يومًا بعد الآخر.
نيكول روديك.



4 يناير 1948
مناخ ربيعي. رياح ربيعية. بلل ووحل في كل مكان.


11:30 صباحًا. جاء فالداس ودعانا كلنا لأكل الكوكولاي" الزلابية" هذا المساء، كانت أمه تطهو.
ذهبنا، ألجيس وليو وألدوفاس ولحقنا بوزيناس، إلى فالداس من أجل الزلابية، لكن أمه أعلنت أنها لم تَعِد بأن تطهو لنا، وكي نتسلى ذهبنا كلنا للتمشية.
في الشارع، كان هناك رجلان يوغوسلافيان ثملان، يحاولان تشغيل موتوسيكل، تجمع الحشد حولهما، وكان الجميع يضحكون. لقد شغَّلاه، لا، لقد وقعا، وها هما يحاولان ثانية، جاءت امرأة يوغوسلافية شجاعة، ومسكت أحد الرجلين من عنقه، وجرَّته، حرفيًّا، حملته بعيدًا إلى البيت. أعتقد ذلك.

أنهيت قراءة ستانسلافسكي. 
يتمشى ليو، ببطء شديد، كما لو كان سحابة سوداء. يشكو، إنه خائف أن يكون مصابًا بالسُّل. ظهره يؤلمه، يقول ربما يكون سرطانًا، يجب أن يذهب ليجري فحصًا.

قالت تيريزا " أنا امرأة عصرية، وأحترم الاتجاهات الحديثة، وأعتبر أن الأشياء الموجودة اليوم ضرورية، أمتثل لها، وأعيش بهذه الطريقة". قلت لها " أنت امرأة غبية، لا عصرية..أنت مؤمنة بالقدر، لو جاء شخص يومًا ما وأراد أن يقطع رقبتك، هل ستتقبلين ذلك أيضًا؟". أخذ جوزيف عائلته وابتعد مع ماري والطفل.
"لقد مُنحنا حرية التصرف، حرية اختيار التصرف. لا ينبغي أن نمتثل "للقدر". لا ينبغي أن نتبع كل ما يحدث اليوم بطريقة عمياء".
قالت تيريز إني شاعر، ومثاليّ، وأني لن أرى الواقع كما هو أبدًا. عندها أنهيتُ المحادثة.
 
قدر ما نستطيع نحاول إخفاء الغنائية، لكنها لا تنفك تظهر. لا يستطيع الليتواني أن يعيش بعيدًا عن الطبيعة، لا يمكن أن تفصله عن الأراضي الخضراء المتسعة، ولا عن جداول الماء، ولا عن خيوط العنكبوت الطائرة في الهواء آخر سبتمبر، ولا الغابات التي تعبق برائحة الطحالب والتوت.
لهذا استمر ينحت تماثيل المسيح الخشبية ويضعها على جوانب الطرقات، بوجوهها التي تنظر، دومًا، نحو الأرض، تنظر إلى الأرض، وتحلم. كان مسيحهم دائمًا ما يحلم. مسيحهم ليتواني، مسيح الطرقات الجميل!

أحيانًا يكون من الجيد السقوط في الفراغ، سواء كان شخصًا آخر، أو الشخص نفسه، أو مزبلة..

مباركة هي ساعات الفراغ..

أيا كانت فهي ليست ممتلئة..

مازالايتي: ماذا لدى الآخرين ليعلمونا إياه؟ ماذا هناك ليتعلمه الكُتَّاب من الآخرين؟ الكاتب، أو الفنان، مثل الطائر؛ عليه أن يغني، عليه أن يغني أيا كان غناؤه!".
أنا: غنِ، لكن كفى من فضلك، كفى، كفى، غناؤك مريع!

ذكرى
ذهبنا مع والدي إلى الغابة بالسيارة، كانت كل الطرق مقصوفة، ومليئة بالحفر، جلست في الجزء الخلفي من العربة. مع كل اصطدام للعجلات، يضطرب كل ما في داخلي ويتقافز، كبدي، ورئتايَّ...

حدوتة
كان هناك رجل، طلب منه الله أن ينفذ مهمة صغيرة، كانت مجرد مهمة صغيرة، ولا أعرف ماذا كانت بالضبط.  قال له: افعل ذلك، وستتحول هذه الأرض ثانية إلى جنة، لن يكون هناك ملوك، ولن يُضطر أي شخص للعمل، سيكون كل الناس أحرارًا وسعداء..إلخ.
أخذ الرجل يفكر، أيفعل ذلك أم لا؟ ذات يوم فكر فعلاً أن عليه أن يفعل ذلك، لكنه في اليوم التالي لم يكن متأكدًا، وفكر أنه ربما لا يجب أن يفعل "لماذا نحن في حاجة إلى الجنة؟ دع الناس يعملون، أهذه مشكلة كبيرة؟! هذا مفيد جدًا لنظامك". لكنه عاد في اليوم التالي وفكر" ربما، في النهاية، سيكون لطيفًا ألا نعمل، وألا نفعل أي شيء". وعلى هذا الحال، لم يستطع أن يتخذ قرارًا، استغرق الأمر أيامًا وهو يفكر في الأمر، حتى مات ذات يوم. يا له من أمر مؤسف.. لقد كان بوسعه أن يحول الأرض إلى جنة!
**
10 يناير 1948

أنت مدعو لقراءة هذا على أنه شذرات من حياة أحدهم. أو كرسالة من غريب مشتاق لوطنه. أو كرواية، خيال بالكامل، نعم، أنت مدعو لقراءة هذا على أنه خيال، الموضوع، والحبكة التي تربط بين هذه التفاصيل هي كيف شببت عن الطوق، هي حياتي. الشرير؟ الشرير هو القرن العشرون.

الأجواء حزينة قليلا في الغرفة الآن، أجلس وأنظر خارج النافذة، كان هناك جليد، ورياح رهيبة فجَّرت علب البسكويت الفارغة، وطيّرت التنانير، الناس يمشون على جانب الطريق ووجوههم إلى الوراء، والسحب..آه كم كانت السحب تمر بسرعة، مليئة بالبرد وأنا جالس هنا أفكر، وأتساءل كيف هي السحب الآن في ليتوانيا، وأصبحُ عاطفيًّا. لكن لم لا أكون عاطفيًّا؟ إذا كان هذا حزينًا، ليكن حزينًا، وساعتها لا شيء في إمكانك أن تفعله حيال ذلك، على الأقل ليس الآن. يمكن للواحد أن يلعب دور الشخص المتفائل، الشجاع، السعيد، لكنه في أعماق قلبه يشعر بهذا الحزن الدائم العظيم. لا يمكن الفرار من ذلك، من الحنين للوطن. لكنك تحاول أن تخفيه، أن تحدث نفسك للخروج منه، تحاول أن تتحايل عليه، لكن أفكارك تفضحك، وأحلامك تفضحك، كل شيء يفضح حنينك للوطن. وعندها، تشعر بالراحة، ما دمت تشعر بالحنين إلى الوطن فأنت تعرف أنك لست ميتًا بعد. تعرف أنك لا تزال تحب شيئًا!
*
28 يناير 1948
شفاينفورت. من رسالة إلى م بافارسكاس.

نود في منتصف فبراير أن ننشر عددًا جديدًا من مجلة سفلجسنياي. آمل أنك لن ترفض أن ترسل لي قصة قصيرة مختارة.

ماذا يحدث، ما الذي تكتبه؟ الرياح الفارغة تعوي في أرض أدبنا في المنفي (ليس الحال بأفضل في الوطن)، الحياة ثقيلة جدًا كصخرة، كنا ندفع إلى الأسفل في الثُكنات، أستطيع سماع الخطوات الحزينة للناس في غرفهم، جيئة وذهابًا، ذهابًا وجيئة، طول اليوم! (سيأتي أحد إليك ويضع يده على كتفك، ويسألك: ها، أهناك أخبار من الوطن؟ ثم يذهب بعيدًا، يذهبون بعيدًا، هؤلاء الناس، بعيونهم، في الماضي السحيق).
عندها، أحيانًا في منتصف الكتابة، ينهار كل شيء فجأة، لماذا؟ لمن؟ لمن أكتب؟ لماذا أكتب إن كان لا أحد سيقرأ هذا؟ ربما من الأفضل تركها، وحرقها في داخلك، فلا تولد أصلاً وتموت، إنهم يقتلون، ويمحون بلادي، الرجال ذوو الأصابع الدموية يسيرون في جميع أنحاء العالم مستهدفين رقبتي. سيخنقون شعبي كله، سيقطعون ألسنة الجميع، ما معنى الكتابة إذن؟ لمن أكتب؟

لذلك جلست إلى المائدة ثانية، وبعينين ثقيلتين حدقت إلى الورقة. كتبت، وكان كل ما أكتبه منقوعًا بيأس وجنون الزمن الذي نعيش فيه؛ جرائم مجنونة، وانتظار مجنون، عندما يكون الشيء الوحيد الذي تملكه هو الانتظار نفسه. بينما أنت تعلم أن هناك أناس، في مكان ما، يستطيعون العمل، يستطيعون فعل كل ما يريدون، في مكان ما، العجلة تدور، وأنت مجرد لا شيء صغير في العجلة الكبيرة، في الجحيم الكبير الذي تخمره القوى الكبرى.
لكن سيكون من الغباء أن تنتظر حتى يطحنوك. اجعلهم يعملون أكثر، اجعل الأمر صعبًا عليهم.. لذلك قف، وابدأ في تطويح ذراعيك يمينًا ويسارًا، أرجحهما في الهواء من حولك. تعال. تعال. نعم أنت، تعال وحاول أن تبتلعني. ربما سأقف في زورك، فتختنق، وربما تحتاج إلى معجزة.. من يدري! حتى جالوت انهار ذات مرة.
حين أنظر إلى العالم أجد أن الغالبية العظمى من الناس تريد الخير. حتى لو، بخجل، يأخذونه حين يعطى لهم. سواء كان خبزًا أو حرية، لكن أن تعمل من أجل ذلك، لا سمح الله، تلك الأشياء الجيدة وتلك السلبية. تعلم أن ما الذي يحتاجه الأخيار للتغلب على الشر؛ يحتاجون قليلاً من الشيطان في داخلهم.

والآن حان وقت دفاعنا عن هذه الأرض. اكتبوا...







* نشر في ذي باريس ريفيو 17 أغسطس 2017. 



Thursday, September 14, 2017

تأملات في غرفة الطوارئ. فرانك أوهارا

تأملات في غرفة طوارئ

فرانك أو هارا



هل كنت سأصير لعوبًا لو كنت فتاة شقراء؟
هل كنت سأصير متدينًا لو كنت فرنسيًّا؟
في كل مرة ينكسر قلبي أميل إلى المغامرة أكثر
( لكن كيف تستمر الأسماء نفسها في الوجود بشكل متكرر في هذه القائمة اللانهائية)
 يومًا ما لن يتبقى ما يمكن المغامرة لأجله.
لماذا ينبغي أن أشاركك؟ لماذا لا تتخلى عن شخص آخر على سبيل التغيير؟
أنا رجل سهل، كل ما أريده هو الحب بلا حدود،
حتى الأشجار تفهمني، استلقيت تحت السماوات الطيبة، ألم أفعل؟
أنا مجرد كومة من أوراق الشجر.
على كلٍ، لم أزحم نفسي قط بمدائح الحياة الرعوية، ولا بالحنين إلى ماض بريء من
الأفعال المنحرفة في المراعي،
لا.. يحتاج الواحد ألا يغادر نيويورك أبدًا إلى المساحات الخضراء، أو يأمل..
شخصيًّا لا أستطيع الاستمتاع بحفنة من أوراق العشب إن لم أكن مطمئنًا إلى أن هناك مترو أنفاق قريبًا، أو متجر تسجيلات، أو أي علامة أخرى على أن الناس غير نادمين تمامًا على حياتهم.
من المهم جدًا التأكد من الحد الأدنى للصدق..
حصلت الغيوم على ما يكفي من الاهتمام، بينما هي مستمرة في العبور، هل تعرف ماذا يفوتها؟ مممم.
عيناي غامضتان زرقاوان كالسماء، وتتغيران طول الوقت، غير قادرتين على التمييز ، لكنهما خاطفتان، محددتان تمامًا وخائنتان، لذلك لا أحد يثق بي.
دائمًا أنظر بعيدًا، أو ثانيةً، إلى شيء ما بعد تخليه عني، هذا يرهقني، ويجعلني تعسًا، لكني مازلت غير قادر على الاحتفاظ به.
فقط لو كان عندي عينان رماديتان أو خضراوان أو سوداوان أو بنيتان أو صفراوان، لبقيت في بيتي وفعلت شيئًا،
ليس لأنني أهتم، لا، على العكس، أنا أشعر بالملل، لكن يتحتم عليَّ أن أكون يقظًا، هناك أشياء تحتاجني- تمامًا مثلما ينبغي للشمس أن تكون فوق الأرض- ومؤخرًا تعاظم قلقها،
أستطيع إذن أن أدخر لنفسي بعض النوم.
 الآن هناك رجل واحد أستطيع تقبيله وهو غير حليق،
ها هي العلاقة الغيرية تقترب لا محالة! ( كيف نثبطها يا ترى؟)
سانت سرابيون، لقد لففت نفسي بأثواب من طُهرك، الذي يشبه منتصف الليل عند دوستويفسكي، كيف لي أن أصير أسطورة يا عزيزي؟ لقد جربت الحب، لكنه يخفيك في صدر الآخر، لكني دائمًا كنت أنهض فجأة مثل زهرة لوتس،
إنها نشوة التفجر الدائم! ( لا ينبغي لهذا أن يشتت المرء) أو مثل زهرة الياقوتية..
 "لتظل قذارة الحياة بعيدًا"
  نعم، هناك، حتى في القلب، حيث تُضَخ القذارة والدورات التعليمية والافتراءات والملوثات والمحددات، لكني سوف أنفذ رغبتي، رغم أنني قد أصبح مشهورًا بالغموض الفارغ في ذاك القسم، ذاك الاحتباس الحراري.
إن كنت لا تعرف، دمّر نفسك!
من السهل أن تكون جميلاً، لكن من الصعب أن تَظْهَر كذلك،
 أنا أقدركم يا أحبائي، بسبب الفخ الذي نصبتموه،
إنه مثل الفصل الأخير، لا أحد يقرؤه، لأن المؤامرة انكشفت.
" فاني براون تهرب بعيدًا،  تفر ومعها رواية بوق الخيل[i]، أنا حقًا أحب الصغيرة منكس، وأرجو أن تكون سعيدة، رغم أنها كدرتني بهذا الاستغلال، الصغير كذلك- مسكينة وساذجة شتشينا، أو ف ب حسبما اعتدنا أن نناديها، أتمنى لو كان لديها لفافة جيدة من الجلد وعشرة آلاف جنيه" السيدة ثريل[ii]
يجب أن أخرج من هنا، سأختار  شالاً وبشرتي المسمرة من الشمس، الأقذر على الإطلاق. سأعود، من الوادي، سأظهر من جديد، مهزومًا.
أنت لا تحب أن تذهب إلى حيث تذهب، لذلك سأذهب إلى حيث لا تريدني أن أذهب، لا زلنا في الظهيرة، الكثير من الأشياء في انتظاري،
ليس ثمة بريد في الطابق السفلي،
التفتُ
 بصقت على القفل، فدار مقبض الباب!








[i] Cornet of Horse رواية ل أ ج هنتي
[ii] (1741- 1821) مؤلفة وكاتبة يوميات إنجليزية

Tuesday, September 5, 2017

المثليَّة .. فرانك أوهارا



المثليَّة
فرانك أوهارا

ها نحن نخلع أقنعتنا، هل نفعل؟
ونطبق أفواهنا..
كما لو كانت النظرة تخترقنا!
الأغنية عن البقرة العجوز ليست ممتلئة بالأحكام،
مثل بخار يهرب من روح شخص عليل،
لذا أسحب الظل من حولي كزفرة،
وأغمض عينيَّ، كما لو في أكثر اللحظات تميزًا من أوبرا طويلة جدًا،
بعدها نبتعد!
بلا لوم،
بلا أمل أن أقدامنا الرقيقة سوف تلمس الأرض ثانية، ناهيك بالسرعة الشديدة،
إنه قانون صوتي الخاص، الذي عليَّ البحث عنه،
أبدأ مثل الثلج،
إصبعي في أذني،
وأذني في قلبي،
الوغد الفخور في سلة المهملات،
 تحت المطر،
بصراحة متناهية، من الرائع أن يعجب المرء بنفسه،
تصاعديًّا يحصي ما يتميز به كل مرحاض،
المبنى رقم 14 في الشارع ثمل وأبله،
والطريق رقم 53 يحاول الترنح لكنه مرتاح جدًا،
الحب الجيد محض حديقة، أو محطة قطار غير ملائمة،
وهناك المتنبئون الذين سحبوا أنفسهم إلى أعلى،
وفي الأسفل ظل طويل لرأس حبشي في التراب،
يجرجرون كعوبهم في الهواء الساخن،
يبكون لإرباك الشجعان،
" إنه يوم صيفي، وأنا أتمنى أن أكون مرغوبًا أكثر من أي شيء آخر في العالم".


Sunday, September 3, 2017

فلسفتي في الحياة. جون أشبري



فلسفتي في الحياة
جون أشبري (1927-2017)

عندما فكرت أن ليس ثمة حيز في عقلي لفكرة أخرى،
خطر ببالي الفكرة العظيمة، التي أسميتها فلسفتي في الحياة،
باختصار، هذا يورطك في العيش مثلما يعيش الفلاسفة،
وفقًا لحزمة من المبادئ،
 اوكيه، لكن أيها؟
أعترف أن الجزء الأصعب كان أني كنت أملك نوعًا من المعرفة المسبقة لما سيكون عليه الأمر،
كل شيء، أكل البطيخ، الذهاب إلى الحمّام، أو حتى مجرد الوقوف على رصيف المترو،
غارقًا في التفكير لدقائق، أو قلقًا أن الغابات المطيرة ربما تتأثر، بتعبير أدق، منحنيا بموقفي الجديد.
 لن أتحول واعظًا، وأقلق على الأطفال وكبار السن، اللهم إلا بطريقة عامة حددها كوننا المتناغم،
بدلاً عن ذلك، سأترك الأشياء، نوعًا ما، لتكون ما هي عليه،
بينما أحقنها بمصل المناخ الأخلاقي الجديد الذي أظنني تعثرت به،
كغريب يضغط خطأً لوحة خلف خزانة للكتب،
ليكتشف سُلّمًا مضاء بضوء أخضر في مكان ما بالأسفل،
فيخطو إليه تلقائيًا ، وتنغلق خزانة الكتب،
وكما هو الحال في مثل هذه المواقف، يجتاحه العطر على الفور،
ليس الزعفران ولا الخزامى، لكنه شيء بينهما،
فكَّر في الوسائد التي يتكئ عليها كلب عمه في بوسطن،
وهو ينظر إليه متسائلاً، مشيرًا بأذنيه المطويتين لأعلى،
وهنا حدث الانفجار العظيم، الذي لا فكرة واحدة منه تكفي لجعلك تشمئز من التفكير،
ثم تتذكر شيئًا كتبه ويليم جيمس في كتاب لم تقرأه قط،
كان لطيفًا، امتلك اللطف كله، غبّره مسحوق الحياة، مصادفة بالطبع،
وعلى رغم ذلك لا زال يبحث عن دلائل بصمات الأصابع،
أحدهم استطاع التعامل مع الأمر،
حتى قبل أن يصوغه، رغم أن التفكير كان تفكيره هو فقط،
لا بأس، في الصيف، إن أردت أن تزور الشاطئ،
هناك رحلات كثيرة يمكن القيام بها،
بستان من الحور اليافعات يرحب بالمسافر،
وبالقرب منه المراحيض العامة،
حيث نحت الحجَّاج الضجرون أسماءهم وعناوينهم،
وربما كتبوا رسائل أيضًا،
رسائل إلى العالم، بينما هم جالسون يفكرون فيما سيفعلونه بعد استخدام الحمّام،
ويغسلون أياديهم في الحوض، قبل أن يخرجوا إلى العراء ثانيةً،
هل كانوا مقتنعين بالمبادئ؟
هل كانت كلماتهم فلسفة، أو نوعًا ما مادة خام لها؟
أعترف أني لا أستطيع الحركة أبعد من قطار التفكير هذا،
شيء ما يعوق حركتي،
شيئ لست ناضجًا بما يكفي لاكتشافه،
بصراحة، ربما أكون خائفًا،
ماذا كانت مشكلة الطريقة التي كنت أتصرف بها قبلاً؟
ربما أستطيع الوصول إلى حل وسط،
نوعًا ما، سأترك الأشياء لتكون ما هي عليه،
في الخريف سأصنع الجيلي، ضد برودة الشتاء وعبثه،
وهو ما سيكون أمرًا إنسانيًا، وذكيًا كذلك،
لن تحرجني تصريحات أصدقائي الغبية، ولا حتى تصريحاتي الشخصية،
رغم التسليم بأن هذا هو الجزء الأصعب،
مثلما تكون في مسرح مزدحم، وتقول شيئًا يزعج المشاهد الذي أمامك، الذي لا يحب أصلاً فكرة أن يتحادث شخصان بالقرب منه،
حسنًا، عليه أن يتدفق حتى يجد الصيادون فجوة للوصول إليه،
كما تعلم، هذا الأمر يعمل في كلا الاتجاهين،
لا يمكنك دائمًا أن تقلق على الآخرين، وتحافظ على مسارك في الوقت نفسه،
سيكون هذا مسيئًا،
لكنه يشبه نوعًا من المرح، في أن تحضر مثلاً زفاف شخصين لا تعرفهما،
مع ذلك فإن هناك الكثير من المرح في أن تظل في الفجوة بين الأفكار،
هذا ما خلقوا لأجله،
الآن، أريدك أن تخرج، وترفه عن نفسك،
نعم، استمتع بفلسفتك في الحياة أيضًا،
إنها لا تأتي كل يوم..
انتبه.. هناك واحدة كبيرة!




1995

Wednesday, August 23, 2017

من زيلدا إلى فيتزجيرالد: كنتُ دومًا مريضة وكنتَ دومًا ثملاً



من زيلدا إلى فيتزجيرالد: كنتُ دومًا مريضة، وكنتَ دومًا ثملاً


ماريا بوبوفا
نشرت هذه الترجمة اليوم بملحق "بين نهرين" 





كان فرانسيس سكوت فتزجيرالد (1896-1940) وزوجته زيلدا (1900-1948) نجمين بارزين في المجتمع الأمريكي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، ولد الاثنان لعائلتين ثريتين؛ هو ابن لعائلة برجوازية صغيرة وهي ابنة قاضي المحكمة العليا في ألاباما.

 في مطلع شبابه التحق فتزجيرالد بلواء المشاة في الجيش الأمريكي، وفي ذاك الوقت 1918 التقى زيلدا ساير، في إحدى حفلات الرقص، ووقعا في الحب، لكن علاقتهما مرَّت منذ البداية بتقلبات عديدة. بعد أن نشر فتزجيرالد روايته الأولى "هذا الجانب من الجنة" تحوَّل فورًا إلى كاتب لامع يحتفي به الجميع، أما زيلدا التي كانت تقول إن "كل ما يهمها هو الحب" كانت تهتم للحياة أيضًا، تحب الرقص، والكتابة، والعيش بحرية، وتنوي أن تكون راقصة باليه مهمة. وبعد فترة لا بأس بها من القرب والبعد، وبعد أن ترك هو الجيش وعمل لصالح وكالة إعلانية تزوج الاثنان، في 3 أبريل 1920، بعد أسبوع واحد من نشر " هذا الجانب من الجنة". 

لم يكن الحب العاصف كافيًّا للشعور بالسعادة، وعلى رغم الرفاهية والسفر والنجاح، فلم يكتب لهما أن يعيشا حياةً هادئة، كانا يسافران معًا إلى أوروبا ويقضيان الوقت في التجول والاحتفال والكتابة، وكان لديهما ابنتهما " سكوتي"، لكن هذا لم يمنع تحول فتزجيرالد إلى شخص سكير على الدوام، ولم يمنع زيلدا، التي فشلت بعد الكثير من التدريبات والمحاولات أن تصبح راقصة مهمة، أن تتداعى، وتتكالب عليها الأمراض الجسدية والنفسية، وقد قضت بالفعل جزءًا كبيرًا من حياتها في المصحات والمستشفيات، بعد أن أصيبت بالفِصام.

وبعدما كان يقدم لها مسودات رواياته لتقرأها وتبدي رأيها فيها، كان لفتزجيرالد موقف رافض تمامًا لأن تكتب زيلدا رواية سيرية، تتناول حياتهما معًا. وهي الرواية التي كتبتها ونشرتها بالفعل بعنوان " اهدني رقصة فالس"، ما أغضبه كثيرًا، حيث كان يعمل وقتها على روايته " الليالي الحالمة"، الرواية التي تتناول حياتهما معًا كذلك، فطلب إليها ألا تنشر روايتها، وألا تستخدم حياتهما معًا مادة للكتابة، لكنها نشرتها، وعلق هو لاحقًا على الأمر بسخرية شديدة، قائلاً إن زيلدا كاتبة من الدرجة الثالثة. كان صاحب " جاتسبي العظيم" حادًا وغيورًا، خصوصًا بعد أن تورطت زوجته في علاقة عاطفية عابرة مع طيار فرنسي "إدوارد جازان". وتحول الحال بهما، بعد حياة صاخبة ونجاحات سريعة إلى رجل مفرط في شرب الكحول، انحسرت عنه الأضواء، وتجاهلت دور النشر رواياته الجديدة، وأخذ يكتب قصصًا بالقطعة في المجلات،  لينتهي الحال به مريضًا ووحيدًا، ويموت في عز شبابه "44 سنة"، وهي، الفتاة الممتلئة بالحياة والطموح صارت نزيلة دائمة في مصحات العلاج النفسي، ستموت شابة كذلك " 48 سنة" في حريق ينشب بالمستشفى الذي كانت تعالج به. 

هذه الرسالة، هي واحدة من عشرات الرسائل تبادلها فتزجيرالد وزيلدا، وقد كتبتها زيلدا وهي مريضة ونزيلة مستشفى جامعة برنستون، في نيون، وتناولت فيها حياتهما منذ البداية وحتى وصولها للعلاج في سويسرا. ولأنها كانت في حال سيئة فقد جاءت الرسالة مرتبكة، مكتوبة بطريقة التداعي الحر، ومليئة بالتكرارات والأخطاء اللغوية. مع ذلك فإنها احتفظت على رغم كل شيء بذاكرة حديدية، فوصفت كل ما مر بهما من أسماء وأماكن وأصدقاء وعراكات. عراكات كثيرة جدًا في الحقيقة.. (المترجمة).



قلت إنك تفكر في الماضي، مرت أسابيع ولم أكن أستطيع النوم لأكثر من ثلاث أو أربع ساعات، مريضة وملفوفة بالضمادات، غير قادرة حتى على القراءة. في نيويورك كانت هناك غرابة وإثارة، بصحفييها وردهات فنادقها المختنقة، بالتماعة أشعة الشمس على عوارض الشباك، ولسع الغبار في أواخر الربيع، والولع بالزهور والكثير من الشاي والرقص وأطواري الغريبة في برنستون.
وكان هناك عيون تاونسند الزرقاء، وواقيات لودو الذكرية، والجذوع التي فاحت برائحة الطيب والمارشملو المميزة لبالتيمور. كان هناك دائمًا لودو وتاونسند وألكس وبل ماكاي وأنت وأنا. كنا سعداء، ولم نكن نحب رفقة النساء. وكانت هناك شقة جورج وكوكتيل الأبسنت، وشعر روث فندلس الذهبي في مشطه، وزيارتنا إلى سمارت ست، وفانتي فير، وعالم الجماعات الأدبية المنتفخ على نطاق واسع بفضل صحف نيويورك. كان هناك زهور، وكباريهات، ونصائح لودو التي كانت تلقي بنا دومًا إلى الريف.
ذات مرة في وست بورت تجادلنا بشأن الأخلاق، وتمشينا بجوار جدار الكولونيل تحت اللَّيلك النضر، وقضينا الليلة بكاملها نستمع إلى الآلات النحاسية والجيتار. وكانت هناك حانة على الطريق ابتعنا منها الجين، وكان هناك كيت وهيكس وماركوس، والمظلة اللامعة لنادي الجاودار الشاطئي. في عمق الليل سبحنا، وكان معنا جورج، قبل أن نتشاجر معه ونذهب إلى حفلات جون ويليمز، حيث الممثلات اللائي يتحدثن الفرنسية حين يكنَّ ثملات، وقتها عزف جورج على البيانو أغنية "احتضنيني أكثر".
كان هناك سروالي الأبيض القصير الذي أذهل كونكتكت، والسباحة في بركة الطيور بصندليّ، والشاطئ، وثلة من الرجال، وركوبنا المجنون للخيل بطول بوست رود، والرحلات إلى نيويورك. كنا نبدو يافعَيْن لذا لم نستطع الحصول على غرفة في فندق تلك الليلة، ساعتها ملأنا حقيبة السفر بدليل التليفون والملاعق والدبابيس والوسائد وذهبنا إلى مانهاتن. كنت متعلقة عاطفيًّا بتاونسند، لكنه سافر إلى تاهيتي، وكانت هناك حكاياتك مع جين بانكهيد وميريام. اشترينا سيارة مارمون مع هارفي فرستون، وذهبنا إلى الجنوب عبر مستنقعات فرجينيا المسكونة بالأشباح، والتلال الطينية الحمراء، وقيعان خلجان ألاباما. شربنا الويسكي فوق جناح الطائرة تحت ضوء القمر، ورقصنا في النادي الريفي وعدنا. كنت أرتدي الفستان الوردي الذي طار، والثوب الفضي الذي يشبه ملابس المسرح، ذلك الذي اشتريته مع دون ستيوارت، ثم انتقلنا إلى شارع 59، وتشاجرنا، فكسرت أنت باب الحمَّام وجرحت عيني. وكثيرًا ما ذهبنا إلى المسرح، ومررنا بالجليد في سنترال بارك، بعد أن لعبنا الكرة في ساحة بلازا، في بريفورت تشاجرت مع زوي، ثم ذهبت معها لشراء معطف لدايفيد بلاسكو. شربنا البوربون، وأكلنا ساندوتشات الخنزير، واحتفلنا بالكريسماس في أوفرمانز، وأكلنا كثيرًا في لافاييت.

وكان هناك توم سميث، وورق حائطه، ومينكن، واحتفالانا بالفالنتاين، والوقت الذي قضيته أرقص مع أليكس طول الليل. وأكلنا في مولاتس، حيث تزلجت أنا وجون، وقتها كنتُ حاملاً، وكتبت أنت رواية " الجميلة والملعون". 



وجئنا إلى أوربا، كنتُ مريضة ودائمًا ما أشكو. في لندن هتفنا مع شان ليزلي، وكانت الفراولة كبيرة بحجم الطماطم في كنيسة السيدة راندولف. كانت هناك ساق القديس جون إيرفنس الخشبية، وبوب هاندلي في غيوم سيسل. وباريس حيث الجو الحار، والآيس كريم الذي لا يذوب رغم الحرارة، وشراء الملابس. وروما، وأصدقاؤك من السفارة البريطانية، وشرابك، وشرابك.
 في سانت ريجز كان هناك " كلب" وغداء مع تاونسند وأليكس وجون. وألاباما والحرارة التي لا تحتمل، وشراءنا لمنزل تقريبًا.
 بعدها ذهبنا إلى سان بول وجاء مئات الناس للتلاوة. كانت هناك الغابات الهندية، والقمر على شرفة النوم، وكنتُ ثقيلة وخائفة من العواصف. 
بعدها وُلدت سكوتي، وذهبنا إلى كل حفلات الكريسماس، وسأل رجل ساندي"من صديقتك السمينة هذه؟"، وغطى الثلج كل شيء. 
أصبنا بالأنفلونزا، وذهبنا مرارًا إلى آل كالمان، ونمت سكوتي قويًّة. جاء جوزيف هيرجشيمر وذهبنا في أيام السبت إلى نادي الجامعة.

ارتدنا نادي اليخت وكان لكلينا بعض المغازلات البسيطة. بدأ جوي ينفر مني، لذا أفرطت في لعب الجولف مع تيتنيا. تقريبًا توفيّ كولي، وكان كلانا يقدره. جئنا إلى نيويورك وأجَّرنا منزلاً، عندما كنا في شدَّة من أمرنا. وكان هناك فال إنجلشف وتيد بارامور والعشاء في ميدان واشنطن وبيلز والدكتور لاكين، عندها تشاجرنا شجارًا حادًا لا أتذكر سببه، في القطار في طريق عودتنا، ثم أحضرتُ سكوتي إلى نيويورك. كانت مكتنزة وخفيفة الظل في معطفها الوردي وغطاء رأسها، ساعتها التقيتنا أنت عند المحطة.

في جريت نيك كان هناك دومًا الكثير من الاعتلال والمشاجرات حول نادي الجولف، أو حول فوكسس، أو حول بيجي ويبر، أو حول هيلين باك، حول كل شيء تقريبًا! 

ذهبنا إلى آل رامزي، في تلك الليلة الرهيبة عندما جلس رينج في غرفة المعاطف. رأينا إستر وجلين هانتر وجليبرت سيلديس.
 دعينا إلى العديد من الحفلات، كانت أكبرها حفلة ريبيكا وست، وشربنا بيرة. كنا دومًا ما نذهب إلى آل باك أو آل لاردنير أو آل سوبيس، عندما لم يكونوا هم ضيوف عندنا. شاهدنا الكثير من أعمال سيدني هوارد في عطلة نهاية الأسبوع التي قضاها بيل موتر معنا. 
كنا نشرب دومًا، وفي النهاية جئنا إلى فرنسا لأنه كان هناك العديد من الناس في المنزل. 
على متن القارب كان هناك دائمًا فضيحة تخص باني بيرجس، التقينا ناني ثم توجهنا إلى هيريس، كانت سكوتي وأنا مريضتين، هناك في الحدائق المتربة المليئة بنبات الحربة الإسبانية وزهور الجهنمية. 
ذهبنا إلى سان رافاييل، أنت كتبت، وسافرنا نحن إلى نيس أو مونت كارلو لبعض الوقت، كنا وحدنا، ودعينا إلى حفلات كبيرة لطيارين فرنسيين. بعدها كان هناك جوسين (إدوارد جازان، طيار بحري فرنسي تورطت معه زيلد فيتزجيرالد عاطفيًّا في صيف 1924)، وكنتَ غاضبًا ولك الحق في ذلك. ذهبنا إلى روما، وأكلنا في كاستيلي دي سيزاري.  
كانت الأوراق دائمًا رطبة، وكانت هناك أصداء الكريسماس، وتمشيات أبدية، بكينا حين رأينا الباب. كان هناك ظلال بينكو المضيئة، وأحذية الظباط اللامعة. 
ذهبنا إلى فراسكاتي وتيفولي، وكان هناك السجن، وهال رودس في فندق دي روسي، لم أكن أرغب في الذهاب إلى حفلة الرسوم المتحركة في الإكسلسيور، وطلبت من هانجري كوكس أن يوصلني إلى البيت. بعدها مرضتُ للغاية بسبب محاولاتي لإنجاب طفل في حين أنك لا تبالي، وعندما تحسنتُ عدنا إلى باريس. جلسنا معًا في مرسيليا، وفكرنا كم كانت فرنسا جيدة! عشنا في شارع تيلست، في ريد بلاش، وجاء تيدي لتناول الشاي، ثم ذهبنا إلى السوق مع آل مورفي. كان هناك آل ويمان وماري هاي وإيفا لا جاليني، وركوب الخيل في بوا فجرًا، وفي الليل لعبنا " القطة في الزاوية" في فندق ريتز. وكان توني هناك، في ليالي مونماتر.
 وذهبنا إلى أنتيب. آل مورفي كانوا في فندق دو كاب، وكنا نراهم باستمرار. ثم عدنا إلى باريس وبدأت ُ دروس الرقص، لأنه لم يكن لدي شيء آخر لأفعله. ومرضتُ ثانية بحلول الكريسماس، عندما جاء ماك ليشز ودكتور جروس قال إنه لا فائدة من محاولة إنقاذ مبيضيّ. كنتُ مريضة على الدوام، ولدي صور وأشياء كنتَ أنت بطبيعة الحال تبتعد عنها شيئًا فشيئًا. 
وجدتَ إرنست وكافيه دي ليلاس، وكنتَ حزينًا عندما أرسلني دكتور جروس إلى ساليس- دي بيم. في فيلا باكيتا كنت مريضة طول الوقت. أحضرت لي سارا أشياءً، ودعينا إلى الغداء في عند والد جيرالد. ذهبنا إلى كان، واستمعنا إلى راكويل ميللر، وتناولنا غداءنا تحت وابل من الألعاب النارية. لم تستطع الكتابة لأن غرفتك كانت رطبة، وتشاجرت مع آل مورفي، وانتقلنا إلى فيلا أكبر، وذهبت إلى باريس واستأصلت زائدتي الدودية، وكنت أنت ثملاً طول الوقت، واتصل بعض الرجال بالمستشفى وأخبروني عن العراكات التي خضتها.
ثم عدنا إلى البيت، أردتك أن تسبح معي في جوان لي بينز، لكنك فضلت أن يحدث ذلك عندما جاء جاير، مع المجموعة، ماريك هاملتون ومورفي وماك ليشز. بعدها التقيتَ أنت جريس مور وروث وشارلي، ومر الصيف هكذا، حفلاً بعد الآخر. تشاجرنا بسبب دوايت وي مان، وكثيرًا ما كنت تتركني وحدي. كان هناك العديد من الأشخاص، والعديد من الأشياء ينبغي فعلها، كل يوم كان هناك شيء، لكن منزلنا كان دائمًا ممتلئًا. كان هناك جيرالد وإرنست، ولم تكن تأني إلى البيت أغلب الوقت. ذات صباح وجدت في الطابق السفلي صندلاً إنجليزيًّا، ووجدت بوب وميوريل ووالكر وأنيتا لوس، كان هناك دائمًا شخص ما، أليس ديلمار وتيد روسو، ورحلتنا إلى سان بول، والرسالة التي جاءت من إيزادورا دنكان، والريف الذي ينسل بخفة عبر ضباب والمقابر في تشامبري فرايسيس، كان هذا هو صيفك. 
كنت أسبح مع سكوتي، عدا المرات التي كنت أتابعك فيها، غالبًا دون قصد. بعدها أصبتُ بالربو، وكدت أموت في جنوا، وعدنا إلى أمريكا، أبعد مما كنا من قبل. في كاليفورنيا، وبينما لم تكن تسمح لي بالذهاب وحدي إلى أي مكان، تورطتَ بعلاقة عاطفية فاضحة! وقلت إنك لم تعد تريد مني شيئًا في حياتك، مع أنك تظاهرت بالغضب حين اقترح كارل أن أذهب للغداء معه هو وبيتي كومبسون.
جئنا إلى الشرق، عملت في إلرسلي، واعتبرتها وظيفة. وأقمنا أول حفل في منزلنا، وأنت ولويس، وعندما لم يكن هناك شيء لفعله في البيت، بدأت دروس الرقص. لم يعجبك هذا، خصوصًا وأنت ترى أن فيها ما يسعدني، كنت غاضبًا من البروفات وضاغطًا وقت التمارين. وذهبت إلى نيويورك لترى لويس، وقابلتُ أنا ديك نايت، الذي تعرفت عليه في حفل بول موراند. ثانيةً وعلى الرغم من تورطك في علاقة عاطفية مشبوهة، إلا أنك منعتني من روية ديك، وكنت غاضبًا عندما أرسل لي خطابًا. لاحقًا على المركب، لم تعرني مطلقًا أي انتباه، انتبهتَ فقط لترفض السماح لي بالبقاء حتى الكونشيرتو، مع - أيا كان اسمه.




أفكر أن المشهد الأكثر إهانة ووحشية الذي حدث لي في حياتي كان في جنوا، وأنت بالتأكيد لا تتذكره. عشنا في شارع فوجيرارد، وكنتَ ثملاً باستمرار، لم تكن تعمل، ويجرك سائقو التاكسي إلى البيت في الليالي القليلة التي كنت تعود فيها إلى البيت في النهاية. 

قلت إنها كانت غلطتي أني أرقص طول اليوم، ماذا كان ينبغي عليَّ أن أفعل؟ كنت تأتي للغداء، ولا تتقدم نحوي خطوة واحدة، وتشكو من أنني شخص غير متجاوب، كنتَ سكرانًا دائمًا وأبدًا طول الصيف. ووصلتُ أنا إلى درجة أني لم أعد أستطيع النوم، وأصبتُ بالربو ثانية. كنتَ غاضبًا عندما لم أذهب معك إلى مونماتر، وكنت تحضر طلابًا ثملين إلى البيت لتناول الطعام، وتكون موجودًا من أجلهم، وتغضب عندما فقدت قدرتي على تحمل المزيد من هذه التصرفات. وبينما كان القارب في طريقه للعوده، بدأت أعجب بإيجوروا، وأخبرتك أني كنت خائفة من أن يكون في علاقتنا شيء من الخلل، لكنك ضحكت. كان هناك فضيحة بخصوص فيلبسون، لكنك لم تحاول حتى أن تساعدني، أحضرت فيليب ثانية، ولم أعد أستطيع إدراة المنزل أكثر من ذلك. وكان هو متمردًا وغير محترم في تعامله معي، ولم ترغب في السماح له بالرحيل. 

أخذت أزيد من جهدي في الرقص، ولم أفكر في شيء آخر عدا ذلك. كنتَ بعيدًا وقتها، وكنتُ وحدي تمامًا. 

عدنا إلى شارع بالنتاين، وفي غيبوبة سُكْر أخبرتني الكثير من الأشياء التي فهمتها بصعوبة، لكني فهمت العشاء الذي تناولناه عند إرنست، فقط لم أفهم أنه كان مهمًا. تركتني وحدي مرارًا، على رغم أنك كنت دومًا تشكو من الشقة أو من الخدم أو مني، تعرف السبب الحقيقي لكونك لا تستطيع العمل، أنك كنت دائمًا في الخارج لأكثر من نصف الليلة، وأنك كنت مريضًا وثملاً طول الوقت.

ذهبنا إلى كان، وبقينا على المنوال ذاته، أكمل دروسي، ونتعارك. 





لم تدعني أطرد الممرضة التي كنا نكرهها أنا وسكوتي. وفضحت نفسك في حفل آل باري، وفي اليخت في مونت كارلو، وفي الكازينو مع جيرالد ودوتي. كم من الليالي لم تأت فيها إلى البيت، لمرة واحدة فقط خلال الصيف أتيتَ إلى غرفتي، لكني لم أكترث، كنت قد ذهبت إلى الشاطئ صباحًا، وكان عندي دروسي في الضهيرة، وتمشيتي في الليل. كنت عصبية، ومريضة تقريبًا، لكني لم أعرف فعلاً أين المشكلة. كل ما أعرفه أني كنت أعاني صعوبة في الوقوف مع الكثير من الناس، مثلما حدث في حفل و م ج.

أردت أن أعود إلى باريس مع  آل لوك، تناولنا الغداء عند آل مورفي، وأخبرني جيرالد بوضوح عدة مرات أن نيمتشنوفا كان في أنتيب، كنت ما أزال لا أفهم. عدنا إلى باريس، وكنتَ بائسًا بسبب سوء حال رئتك، ولأنك أضعت الصيف في لا شيء. لكنك لم تتوقف عن الشرب، وصرتُ أنا أعمل طول الوقت، لأني أصبحت أعتمد على إيجوروا. كنتُ لا أستطيع السير في الشارع إلا للذهاب إلى دروسي، ولم أكن أستطيع أن أدير أعمل المنزل لأني لم أكن أستطيع التحدث إلى الخدم. لم أكن أستطيع الذهاب إلى المتاجر لشراء الثياب، وتورطت عاطفيًّا بشكل تام. 

في فبراير، وعندما أصبت بالتهاب الشعب الهوائية واحتجت إلى التنفس الصناعي كل يوم، وأصبت بالحمى لمدة أسبوعين، كان عليَّ أن أعمل، لم أكن لأستطيع الوجود في هذا العالم دون ذلك. لا أزال عاجزة عن فهم ما كنت أفعله، لم أكن أعرف حتى ما الذي أريده. بعدها ذهبنا إلى أفريقيا، وعندما رجعنا بدأت أدرك الأمر، استطعت أخيرًا أن أفهم ماذا كان يحدث للآخرين. 

لم تردني. لمرتين تركت فراشي قائلاً "لا أستطيع.. ألا تفهمين؟" لم أكن أفهم. 

بعدها قابلت رجل هارفارد، الذي أضاع بوصلته، وعندما طلبت منك أن تأتي معي إلى البيت، قلت لي "نامي مع رجل الفحم".
في عشاء عند نانسي هويت، عرضت خدماتها عليَّ، لكن  وقتها لم يكن هناك شيء مهم في رأسي. كنت تقريبًا نصف ميتة، لذا عدت إلى الاستديو. كان لوكين قد أرسل بعيدًا، لكن لما كنت لا أعرف شيئًا عن الموقف، لم أعرف أن ثمة مشكلة. فقط واصلت طريقي، عاد لوكين، ثم سافر ثانية، ثم جاءت النهاية أخيرًا، عندما ذهبت إلى مالميسون. لم تساعدني، وأنا الآن لا ألومك. لكنك لو شرحت لكنت تفهمت، لأن كل ما كنت أريده هو أن أُترك لأواصل العمل. 
كان لديك اهتمامات أخرى: الشراب، والتنس، ولم نكن نهتم لأمر بعضنا بعضًا. لقد كرهتني لأني طلبت منك ألا تكثر في الشراب. جاءت فتاة للعمل معي، لكني لم أردها هي أيضًا. لا أزال أؤمن بالحب، وفجأة فكرت في سكوتي، وفي أنك دعمتني. في فالمونت كنت أتعذب، ورأسي مغلقة تمامًا. لقد قدمت لي الزهور وقلت إن الأمر كان "أصغر وأكثر اتساعًا"، لقد كنا صديقين، لكنك ابتعدت، وأنا مرضتُ أكثر، ولم يكن هناك من يعلّمني، وها أنا ذا، بعد خمسة أشهر من البؤس والحزن والكآبة، سعيدة أنك وجدت موضوع رواية " جوزفين" وأنك بدأت تهتم بالرياضة. 
ولما كنت لا أستطيع النوم نهائيًا، فلدي الكثير لأفكر به، وبما أني استطعت أن أذهب إلى هذا المدى وحدي، أعتقد أني أستطيع الاستمرار لبقية العمر. لكن لو تعلق الأمر بسكوتي، فلا أتمنى أن تختبر هذا الحجيم. لو أنني كنت الله، فلم أكن لأجد تبريرًا أو سببا للإعلاء من شأن ذلك، اللهم إلا القول إنه كان خطأً، بالطبع، أن أحب مدرّستي بينما كان ينبغي أن أحبك. لكنك لم تكن موجودًا لأحبك، ليس قبل وقت طويل من حبي لها. 
 لقد بدأت أعتقد أن الجنس والمشاعر لا علاقة لهما بعضهما ببعض. عندما جئتك مرتين في الشتاء، وطلبت منك أن نبدأ من جديد، لأني كنت أعتقد جديّا أني متورطة عاطفيًّا، كنت أرتب لموقف لم أكن اعتقد أني مهيأة له أخلاقيًّا ولا عمليًّا. كنت تغني أغنية عن الرجال الذين يبيعون أجسادهم للنساء. جئتك نصف مريضة، بعد غداء صعب في أرمونفيل، لكنك أبقيتني منتظرة لوقت طويل أمام مبنى جرانتي تراست،  لم تهتم، لذلك أكملت طريقي، أرقص وحدي، ومهما كان ما حدث، لا أزال في صميم قلبي أعرف هذه لعبة حاجدة وقذرة، وأن الحب مُر، وأن كل ما سيتبقى على وجه الأرض، هم المتسولون العاطفيون، وذلك تقريبًا ما يناسب الناس الذين يستثيرون أنفسهم بالبطاقات البريدية.

زيلدا.










علبة سجائر ماو تسي تونج

  في عام 1960 كنت جزءًا من مجموعة مؤلفة من خمسة كتاب يابانيين تم اختيارهم لزيارة الرئيس الصيني ماو.. ممثلين لحركة الاحتجاج ضد معاهدة الأمن ا...